الصدى في وسائل الاعلام

دراسات تعكس العلاقة الجدلية بين تاريخ وجغرافيا الأردن

العرب اليوم: الخميس 6/9/2001

مؤتمر تاريخ البتراء

 

حسين السلامين

 

لقد جاء انعقاد المؤتمر الثاني حول التاريخ الاجتماعي لمدينة البتراء وجوارها: التغيير والاستمرارية بتنظيم من قبل " بيت الأنباط " الهيئة العربية للثقافة والتواصل الحضاري وبالتعاون مع مجلس بلدي وادي موسى السابق وجمعية سيدات وادي موسى ونادي وادي موسى الثقافي الرياضي الاجتماعي خطوة علمية جبارة من خلال مشاركة ثلاثين باحثاً وباحثة سهروا على أن يكون كل بحث من بحوثهم "المتخصص... بموضوع معين عن حضارة الأنباط في البتراء المركز والجغرافي المجاورة التي كانت سيطرة الحضارة النبطية" مرتبطاً جدلياً مع البحث الآخر لتشكل مجموعة البحوث فسيفساء فلسفية علمية عن تاريخ التطور الحضاري للأنباط.

ولتجد أن هذا الباحث أو الباحثة قد ابرز دور الآثار الحالية الموجودة منذ حضارة الأنباط الأولى والمتعاقبة من حيث تواجدها على امتداد مساحة واسعة اشتملت على جزء كبير من بلاد الشام رابطاً باحثاً آخر الهندسة المعمارية المتجسدة في البناء الهندسي الذي يدل على عقلية عبقرية تجعل الناظر أو السائح أو المهندس في عصرنا الحالي يذهل لجودة وإبداع المهندس أو الفنان النبطي آنذاك، مما يدفعنا عند قراءة بحث آخر عن استكشاف دور وأسلوب التركيبة الهرمية للمجتمع النبطي في إدارة حياتهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية الناجحة في بناء دولة قوية مزدهرة اقتصادياً واجتماعياً على مدار المساحة الجغرافية التي يحكم بها الأنباط وانعكاس ذلك على علاقتها مع الحضارات المجاورة لها كالرومان أو التصدي لأطماع فئات بشرية حاولوا تشويه التاريخ الحضاري كاليهود في تلك الحقبة.

  ولقد نجحت هذه الأبحاث نجاحاً علمياً في ربط تاريخ الأردن الوطني بالتاريخ القومي العربي من خلال تبيان أن حضارة الأنباط هي السلف العظيم المترابط مع حضارة العرب المجيدة للآشوريين والاموريين والكنعانيين والفراعنة.. كانت سابقاً هذه الحضارة تدرس مر الكرام، فليس من الغريب أن يصار إلى اتخاذ قرار إيجاد معهد للبحوث ليتوسع كعلم في تاريخ الحضارة الإنسانية كعلم جغرافي تاريخي تكتسبه العقول البشرية كدراسة نظرية إلى جانب الآثار الجغرافية كالبتراء والآثار المنتشرة في بلاد الشام. كذلك تبرز هذه الأبحاث دور وأسلوب المجتمع النبطي في رفد التجارة والاقتصاد البشري آنذاك حيث اتسعت التبادلات التجارية وازدهرت الصناعة المختلفة، ومن مدلولاتها وجود النقد النبطي ووجود الأسلوب الزراعي والمائي من حيث سحب الماء من الينابيع وغيرها بأسلوب علمي واستخدامها في الزراعة وغيرها.

ويتضح مما تقدم أن ما قدم من أبحاث علمية حول التاريخ الاجتماعي لمدينة البتراء وجوارها هو مكسب حقيقي للعلوم الإنسانية يستوجب ليس فقط دراستها إنما العمل بكافة الوسائل العلمية للاستفادة منها سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي أو الارتباط الوطني القومي للأردن، ومن هنا جاءت " التوصيات الإحدى عشر" لتنفيذ تلك الاستفادة مما يحدو وواجب على كل مؤسسة عامة أو خاصة أن تساند المؤسسات والمراكز المتخصصة " كبيت الأنباط" بإبراز الدور الاجتماعي والتاريخي لما فيه فائدة لكل فرد في الأردن أو المجتمع البشري ككل.

وعودة على بدء فقد جاء افتتاح المؤتمر الثاني في مدينة البتراء بوجود ممثلة سمو الأمير رعد بن زيد كبير الأمناء الشريفة نوفة بنت جميل بنت ناصر اهتمام الحكومات الأردنية المتعاقبة بقيادة مؤسس الأردن النبطي المغفور له عبد الله الأول بن الحسين بإبراز التاريخ الحضاري النبطي وغيرها من الحضارات العربية والإسلامية في الأردن من خلال إيجاد المؤسسات العلمية المتخصصة بالآثار النبطية وغيره منذ العشرينات من مطلع القرن العشرين.

ومن ذلك فان الترابط والتنسيق ما بين المؤسسات والهيئات العلمية الحكومية والمدنية المختلفة بإبراز التاريخ الاجتماعي للبتراء وجوارها: التغيير والاستمرارية له انعكاس إيجابي على ازدهار الاقتصاد الوطني الأردني.