الصدى في وسائل الاعلام

مع الأنباط

العرب اليوم/ الأربعاء/23/6/1999

  عبد الله أبو رمان

   في الطريق الى وادي موسى، تتداعى في ذهن المرء جملة من الاسئلة، قد لا يجد لها جواباً مقنعاً، دون ان يرى نفسه مضطراً للتسليم بوجود مؤامرة استهدفت تهميش الجغرافيا الاردنية، ودورها التاريخي.      
  لدينا في الاردن معالم حضارية وارث ضخم من التراكمات التي تجذر لهذا الكيان، وتشهد انه يقوم على الجغرافيا ذاتها التي قادت التاريخ العربي؛ فمن ميشع ملك مؤاب، الذي ادمى عيون صهيون، ودفع باتجاه زوال مملكة الصهاينة الاولى، عندما تحالف مع البابليين، وترك لنا وثيقة تاريخية، هي حجر ميشع ، تغذي فينا شعور التفوق والنصر.

 

 الى الانباط ، الذين أسسوا للتكوين الحضاري العربي، واقاموا دولتهم، وعاصمتها في وادي موسى، عنوانا عربيا واضحا، قدم للامة العربية أساسا قامت عليها، وفي مقدمتها الحرف العربي، الذي يعود الى عصر الانباط، فضلا عن التشريعات والقوانين والانظمة في كل المجالات الى نهضة فنية وادبية، وصلتنا علاماتها ودلائل اثبات وجودها.

 

وفيما بعد، ساهمت الجغرافيا الاردنية في حسم مسار التاريخ العربي، أولا في "اذرح" عندما شهدت هذه الارض حادثة التحكيم بين علي ومعاوية، وبشرت بتأسيس الدولة العربية الإسلامية في الشام. والثانية في الانتصار لبني عباس، وانطلاق دعوتهم من "الحميمة"، لما وهت اركان دولة بني امية، ودب فيها الضعف.

هذه الجغرافيا، التي يقوم عليها الآن، الكيان الاردني الحديث، تعرضت لظلم لا يبرره إلا التآمر والأدوار المشبوهة، المطلوبة من هذا الكيان بعيدا عن عمقه الحضاري، وتاريخه الممتد حتى اقدم العصور.

 

الزملاء في " بيت الانباط" الهيئة العربية للتواصل الحضاري، انتصروا للاردن، وانتصروا لدور الاردن الحقيقي، وموقعه الذي عرفه منذ بدايات التاريخ، موقع التكامل مع العرب والعداء بين اسرائيل في ذات الوقت.

 

وقد قدموا خلال اليومين الماضيين، إجابات هامة، واثاروا اسئلة أهم، حول هذه الحضارة واسباب تهميشها، وقلة دراستها.

 

وقبل ذلك، قدم الزملاء تظاهرة علمية إعلامية شعبية ضخمة، تليق بالأنباط ، وتؤسس لبدايات جادة في دراسات وأبحاث واهتمامات متخصصة، تعيد الاعتبار للجغرافيا الأردنية كلها.