الصدى في وسائل الاعلام

تحذير شركة (B.T) البتراء في خطر

الغد   19/6 /2008

ياسر أبوهلالة

 

التحذير الذي أصدرته واحدة من أهم الشركات الاستشارية في العالم  بخصوص البتراء، ليس تعكيرا لصفو مؤتمر الفائزين بجائزة نوبل في البتراء. فالتوقيت بمناسبة مرورعام على فوز المدينة بعجائب الدنيا السبع الجديدة. ويكفي المؤتمر القلق الذي أصابه من جراء الخلل الفني في طائرة بيريز.

تحذر الشركة في الدراسة التي  توصلت إليها فرقها البحثية في قطاعات السياحة والآثار والتسويق من  سوء "إدارة الموقع". إذ تشكل إدارة الموقع والأنشطة المحاطة بها أكبر التحديات ونقاط الضعف الراهنة في البتراء، حيث تعاني إدارة الموقع من غياب الرؤية التنظيمية، وعدم وجود حزمة من التعليمات والأحكام التشريعية التي يُستند عليها في إدارة الموقع وتداخل الصلاحيات.

حيث توجد أربع جهات مباشرة تتنازع الصلاحيات على إدارة الموقع بشكل مباشر وغير مباشر (إقليم البتراء، محمية آثار البتراء، وزارة السياحة، متصرفية لواء البتراء). وهناك أكثر من خمس جهات أخرى تتنازع بشكل غير مباشر وربما تأثيرها أحياناً أكثر من المجموعة الأولى. وتضيف الدراسة التي  كلفت عشرة ملايين دولار، وساهم في تمويلها  اليو أس إيد الأميركية ووكالة الإنماء اليابانية واليونسكو بخصوص التنظيم الحضري: "إن النمو غير المنظم والخارج عن السيطرة في وادي موسى جعل هذه التجمعات عبارة عن عشوائيات عمرانية تبدو وكأنها تقتحم الموقع الأثري بشكل تطفلي، وتشكل حساسية بيئية واجتماعية وتنظيمية. كذلك الأمر في واقع بلدة أم صيحون ببعدها الإنساني لفئة اجتماعية من المواطنين، أعاقت الأحكام التنظيمية حقها الطبيعي في النمو، وبين حساسية الموقع للقرية على حافة المدينة الأكثر حساسية".

وكشف فريق البحث المتخصص في الصناعة السياحية عن عيوب صغيرة  لكن تراكمها يحبط صناعة السياحة سواء ما خص فنادق النجوم الخمسة أم سياحة العائلة في السيارة: "لا يوجد مخطط للموقع يُبين حركة السياح ويحدد المسار الذي يسلكه السائح، بالإضافة إلى عدم كفاية اللوحات الموجودة إلى جانب ما تحمله بعضها من معلومات غير دقيقة. ان انتشار الأنشطة التجارية في كل مكان داخل المدينة الأثرية يقضي على الانسجام والتناغم في الموقع السياحي إلى جانب كونه يعمل على خلق نوع من الازدحام. كما لا توجد في الموقع وسائل كافية ومناسبة لجمع النفايات ما يعيق جهود إدامة النظافة وتوفير الحد المعقول من الشروط البيئية، كذلك افتقارالموقع للمرافق الصحية الكافية والصديقة للبيئة، وتحدي عمالة الأطفال والباعة المتجولين. وعدم توفير وسائل مناسبة لنقل الزوار بعد انتهاء الرحلة ما يستدعي عودة السائح سيراً على الأقدام لمسافة (3.5) كم".

ويقل معدل إقامة السائح في البتراء عن يومين على الرغم من أن البرنامج السياحي المتوازن للاطلاع على عناصر المنتج السياحي في البتراء يحتاج الى ما بين (3-4) أيام إلا أن ظاهرة تدني معدل إقامة السائح تعد أحد المظاهر الأساسية الملازمة للسياحة في البتراء.

أخشى أن تظن النقابات المهنية  أن شركة ( B.T ) لها علاقة بالشركة التي نظمت فعاليات مهرجان الأردن وعليها شبهات تطبيعية. وأكثر من ذلك ربما تحسب على شركات بيع الأراضي ( لماذا لا تباع البتراء ونبني مدينة أخرى؟ سؤال مشروع هذه الأيام!)، ولكن لا علاقة لها بذلك كله.  والدراسة التي قامت بها تستحق الملايين التي أنفقت عليها ، فالبتراء من الممكن أن تكون رافعة لاقتصادنا المنهك.

لسنا في شهر نيسان، لكن لا توجد شركة ولا ملايين، الدراسة هي مقال للزميل باسم الطويسي نشرت في " الغد" أول من أمس. وهي تدق ناقوس خطر ينبغي أن نستمع إليه. فالبتراء بعد عام من فوزها تبدو في خطر. وبدلا من مهرجان الأردن الذي  يمكن أن تقوم به أي شركات تنظم حفلات لأهداف تجارية، وتجني أرباحا من ورائه، ينبغي أن ننشغل بالبتراء.لأسباب وطنية وحضارية وفوق ذلك اقتصادية.

وفي وقت تنفق فيه الملايين (أعني الملايين) على حملات علاقات عامة سخيفة، يحاول بيت الأنباط وهو ليس شركة مشبوهة، وإنما مؤسسة تطوعية، جمع اثني عشر ألف دينار فقط لا غير لعقد مؤتمر "أجيال علماء الاجتماع العرب"، وتعرض فيه 40 رسالة دكتوراه  في البتراء بداية الصيف. ونشاط علمي ثقافي كهذا تغطيه وسائل الإعلام  يشكل ترويجا محترما للمدينة العجيبة.

إنها دعوة لدعم مؤسسة وطنية تقوم على التطوع خدمة للمصالح العامة، لا تسويقا لشركات تعتمد الإبهار البصري مجردا من أي معنى أو قيمة ثقافية.