الصدى في وسائل الاعلام

حركة ثقافية تقود ثورة حضارية في دراسة التاريخ القومي والاردني

البلاد 4/6/1997

العودة الى الانباط  

  عبد الله أبو رمان

 

هل الأردن جغرافيا بلا تاريخ؟ وهل بدأ فعلاً مع القرن العشرين؟ وهل بقيت الجغرافيا الاردنية، طول التاريخ، ممراً ومجالاً للتأثر بالاحداث غير قابلة للتأثير وغير ذات بصمات؟؟

هذه الاسئلة وغيرها من علامات الاستفهام الكثيرة، التي رافقت الكيان الاردني الحديث، تجد أجوبة شافية لدى مجموعة من المثقفين والاكادميين الذين أسسوا لدراسة جديدة انقلابية على كل ما مر، اتخذت من حضارة الانباط أساسا للوجود العربي المؤسسي الاجتماعي على ارض الاردن، وقدمت المجموعة عدداً من الدراسات والابحاث التي تمهد لثورة حضارية ثقافية تمثل تغيراً جذرياً ونقلة نوعية في دراسة تاريخ القومية العربية، وتجذر حضارياً وتاريخياً للهوية القومية في الاردن.

هذه المجموعة اتخذت لنفسها وتاريخياً للهوية القومية في الاردن هذه المجموعة اتحذت لنفسها رابطة حملت اسم " بيت الانباط، الهيئة العربية للثقافة والتواصل الحضاري" وحصلت على موافقة وزارة الثقافة، لتكون أول هيئة ثقافية على المستوى الوطني الاردني، والقومي العربي، تحمل اسم الانباط.

المجموعة بدأت منذ حوالي العامين بسلسلة من الحوادث ووضعت يدها على المحاور الاساسية التي تمثل اشكاليات ثقافية يجدر بمثقفين واكاديميي الاردن الوقوف عليها واهم هذه المحاور غياب التجذير الحضاري والتاريخي للهوية القومية في الاردن.

وثانياً غياب قيمة البعد الثقافي في التسويق السياسي، وثالثاً عدم وجود حركة معنية بترجمة دراسات الانباط الى العربية. وعلى هذه الخلفية بدأت فكرة تأسيس بيت الانباط، ليضع بعضاً من النقاط عصميمها، تبتعد كثيراً عن الشعارات السياسية الوقتية الرخيصة ففكرة إنشاء بيت الانباط، هي رد على التركات المخجلة للدعوات الجهوية والمحليات الضيقة من قبيل الدعوة الفرعونية او الفينيقية او أية دعوة ضيقة أخرى، فالعرب الانباط لهم الفضل في اللبنة الأساسية في تحويل الجماعات العربية الهامشية، الأمر الذي يعني بداية مشروع الجماعة القومية التي أسست لى الحروف المعجمة، وليؤكد على اهمية دراسات الانباط وطنياً وقومياً.

السيد باسم طويسي رئيس رابطة بيت الانباط، علل قيام هذه الظاهرة فذكر ان غياب التجذير الحضاري والتاريخي للهوية القومية في الاردن يعود الى جملة اسباب موضوعية من اهمها: تأخر ظهور النخب المثقفة في الاردن في القرن العشرين حينما كانت تصاغ النظرية القومية المعاصرة وحتى الى الوقت الذي تحولت فيه النظرية الى مشروع ايدلوجي في الخمسينات، اضافة الى طبيعة تكون النظرية القومية العربية ذاتها، وما شابها من إرباك وتنازع في   الشرعيات القطرية بين قادة الفكر   والرأي إبان تشكل الكيانات القطرية المعاصرة، اضافة الى ذلك كله غياب مبحث التكوين التاريخي للامة العربية وعدم نضوجه الى الوقت الراهن، ولعل هذه هي أسباب غياب الجغرافيا الاردنية بمضامينها الحضارية والتاريخية وضآلة حجمها في معجم الفلسفة القومية العربية المعاصرة.

وعن أهمية الجغرافيا الاردنية في حركة التكوين التاريخية للامة العربية قال الطويسي: لقد تأكدت الهيئة باليقين العلمي من الاهمية البالغة والدور الانقلابي الكبير للجغرافيا الاردنية في حركة تكوين الامة العربية التي قادها الانباط العرب قبل اكثر من ثلاثة الاف عام، وهذا يعني للمرة الاولى الدعوة الى وعي جديد، يطيل من عمر رشد ونضوج الامة لاكثر من "1500 عاماً" هو الفارق بين الدراسات السابقة وبين ما ندعو اليه.

ورداً على سؤال ما اذا كانت الفكرة النبطية تماثل الدعوة الفرعونية في مصر وتقدم نفس النتائج أجاب الطويسي: ان الدعوة الى وعي جديد حول الدور الحضاري والتاريخي للجغرافيا الاردنية، دعوة قومية في الدولة، حيث قامت الدولة بدورها باستكمال بناء الامة. إننا نؤمن في بيت الانباط ان الثقافة اعظم واكبر من المخاضات السياسية، وان الحضارة اقدس من دمية السياسة الرخيصة.

وعن اهداف بيت الانباط قال الطويسي: تهدف الهيئة الى الاهتمام بالحركة الثقافية الاردنية، بالعمل على خصوصيتها المحلية وبطها بهويتها العربية والاسهام في نشر قيم الوعي والتكوين الحضاري والانساني للثقافة العربية، واستهلام تاريخ العرب الانباط، انموذجاً في الدفاع عن قضايا الوطن، والامة العربية الثقافية.

وتهدف الهيئة الى الاسهام في نشر الوعي بقيمة المدن التراثية في الاردن والدفاع عنها والاسهام في الدفاع عن قضايا البيئة الحضارية والتراثية في الاردن والعمل على ابراز قيمتها الحضارية. اضافة الى ابراز قيمة البعد الثقافي في التسويق السياحي واقامة البرامج الكفيلة بذلك. وهذا البعد مفتقد في الخطاب السياحي الاردني الحالي، ولدينا رؤية واضحة في هذا الاتجاه خدمة للاقتصاد الوطني.

وستعمل الهيئة على تنظيم جائزة على مستوى رفيع تمنح للجهود المميزة التي تبذل في سبيل اكتشاف حضارة الانباط. كما ستعمل على تشجيع حركة الترجمة والدراسات المختصة، فلقد بدأنا منذ فترة وجيزة بجمع ما يقارب من مئة كتاب باللغات الانجليزية والفرنسية والالمانية والايطالية، في الوقت الذي نأسف فيه لعدم وجود سوى كتاب واحد في اللغة العربية غير متخصص.

وفي الختام أبدى الطويسي اسفه لعدم وجود شارع او ميدان او ساحة او حديقة في عاصمتنا عمان او أية مدينة أردنية أخرى تحمل اسم الأنباط او أحد ملوكهم، كما لا توجد أي جامعة او كلية او حتى غرفة صف ولا صالة في مطار او نصب او تذكار يدل على الأنباط، على نفس الجغرافيا التي قامت عليها دولتهم.