الصدى في وسائل الاعلام

بيت الأنباط في البتراء .. هيئة ثقافية ذات استراتيجية بعيدة المدى

الرأي: الأحد 25/2/2001

غازي العمريين

 

تأسس بيت للأنباط عام 1997،بعد سلسلة من الحوارات التي شارك فيها مجموعة من المثقفين والأكاديميين الأردنيين من الجامعات والهيئات الثقافية.

"الرأي" دخلت هذا البيت،الذي يعد مجمعاً للنخبة من شباب لواء البتراء،من الذين اخذوا على عاتقهم حمل أمانة الكلمة،ومسؤولية المصلحة العامة،فكان اللقاء مع رئيس هذه الهيئة زياد الطويسي،الذي قال أن خلاصة الحوارات في العام المذكور خلصت إلى ضرورة إيجاد إطار ثقافي إنساني يجسد الحضور التاريخي والحضاري للجغرافية الأردنية،وفي هذا الصدد كان لا بد من التوقف أمام حضارة العرب الأنباط ،أحد أهم الحضارات الإنسانية في العصر الكلاسيكي باعتبارها اتخذت من الأردن مركزاً لتفاعلاتها لحوالي ستة قرون، وهدفت الهيئة التي اتخذت اسم بيت الأنباط والهيئة العربية للثقافية والتواصل الحضاري، إلى الاهتمام بالحركة الثقافية والعمل على إبراز خصوصيتها المحلية، وربطها بهويتها العربية والإسهام في نشر قيم الوعي بالتكوين التاريخي والحضاري الإنساني للثقافة العربية واستلهام تاريخ العرب الأنباط ، أنموذجا في الدفاع عن قضايا الوطن والأمة، والى الإسهام في نشر الوعي بقيمة المدن التراثية في الأردن، ورعايتها إلى جانب العمل على إبراز القيمة الحضارية لجغرافية الأردن ودورها في مجمل حركة الأمة.

ويقول الطويسي ان هذه الأهداف تشكل فلسفة الهيئة التي هي في المحصلة لا تدعو للعودة إلى التاريخ بصيغه المحيطة، بل إلى البحث عن جذور التقدم فيه، وأسباب النهضة، فكان أن وضع بيت الأنباط ، انطلاقاً من هذه الرؤيا اجندة عمل طموحة، استطاع من خلالها تحقيق إنجازات خلال ثلاث سنوات، ولعل من المفيد الإشارة إلى استراتيجية العمل، في هذه الهيئة التطوعية، والتي تختلف عن الهيئات الثقافية الأخرى، باعتبارها لا تعتمد على العمل الثقافي اليومي، بل على البرامج والمشاريع ذات الصفة الاستراتيجية، التي تحمل صفة الديموية والأثر الإيجابي، بعيد المدى وعلى هذا الطريق فقد نظمت الهيئة المؤتمر الأول، لدراسات وبحوث الأنباط ، الذي شكل تظاهرة ثقافية شارك فيها "90" باحثاً من "22" دولة، قدموا مجموعة من البحوث التي عالجت لأول مرة تاريخ الحضارة النبطية بتفاصيلها، وتجلياتها الكبرى.

ولفت رئيس الهيئة إلى السعي المستمر نحو عقد هذا المؤتمر مرة كل عامين، ومن المنتظر انعقاد المؤتمر الثاني في حزيران من العام القادم، لمواكبة احتفالات الأردن، بإعلان عمان عاصمة للثقافة العربية، على أن أهمية هذا المؤتمر تأتى من كونه أول تجمع ثقافي وأكاديمي يتناول الجذر الحضاري الحقيقي للأردن التاريخي، بجهود تطوعية، إلى جانب تركيزه على تقديم بحوث باللغة العربية، حيث تفتقر المكتبة العربية إلى مواد علمية تعالج حضارة الأنباط ، وتاريخ الأردن بشكل عام، وسبب آخر لأهمية المؤتمر، هو هذه الأهمية لحضارة الأنباط ، وإعادة اكتشافها في هذا الوقت بالتحديد، لما يتعرض له الأردن المعاصر، من هجمات تشكلت في أهميته التاريخية والحضارية.

ويرى أن حضارة الأنباط أهدت للثقافة العربية أهم مكوناتها، وهي الحرف والكتابة العربية، وقال أن من بين برامج بيت الأنباط ، التي وضعت موضع التنفيذ الفعلي، إنشاء مكتبة خاصة بتاريخ الأردن القديم، وتحديداً بدراسات وبحوث العرب الأنباط ، كذلك جرى وضع برنامج لتشجيع وتحفيز الباحثين الأردنيين لتناول حضارة الأنباط ودراستها، وفي هذا المجال، تم إنجاز ترجمة مجموعة من البحوث التي تتناول هذه الحضارة، عن اللغات الإنجليزية والألمانية والفرنسية.

ويوضح أن برنامج عمل بيت الأنباط يشتمل على إدماج البعد الثقافي في التكوين السياحي للأردن، وفي ذلك تؤكد خطط بيت الأنباط على أهمية تأهيل العاملين في القطاع السياحي ثقافياً، مع ضرورة اعتناقهم للقيم التي توصل الأردن التاريخي، وتؤكد حضوره الهام على خارطة العالم، وفي هذا الصدد فهو يقول أن الهيئة تعمل على تأهيل العاملين في تلك القطاعات من خلال الدورات وورش العمل، حول تاريخ الأردن القديم، والأنباط على نحو خاص، بهدف رفع سوية العاملين ولتقديم صورة مشرفة عن تاريخ الأردن، مثلما يعمل بيت الأنباط على إنشاء قاعدة للمعلومات، عن حضارة الأنباط ، وطرحها على شبكة المعلومات الدولية "الإنترنت" إضافة إلى الاهتمام بالبيئات الاجتماعية المجاورة للمدن التراثية، ومراقبة حركة النمو والتغير، التي تحدثها السياحة في هذه المجتمعات، ومحاولة الإسهام في توفير آليات للتغيير الإيجابي فيها، وفي هذا المجال فقد أقرت الهيئة بالتعاون مع مجموعة من مؤسسات المجتمع المحلي في الإقليم، تنظيم مؤتمر في شهر آب القادم، بعنوان "التاريخ الاجتماعي لمنطقة البتراء وجوارها.. التغيير والاستمرارية".

وبين أن المؤتمر سيناقش مجموعة من المحاور في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، أما محور المشاريع الذي يتبناه بيت الأنباط ، فيعتمد على تقديم دراسات تتضمن حزمة من المشاريع الإنتاجية ذات البعد الثقافي والتنموي، التي تخدم اقتصاد الوطن، والتي أبرزها مشروعات إنتاجية ذات بعد سياحي، التي تخدم الجانب الثقافي للأزياء والمطرزات، وهو مشروع ثقافي، يعتمد على توظيف الرمز النبطي في الملابس والمطرزات.