الصدى في وسائل الاعلام

البحث العلمي وقطاع السياحة الاردني
 
الدكتور علي حياصات


من أهم أسباب تطور الدول المتقدمة هو الاعتماد بشكل كبير على تشخيص المشاكل وإيجاد الحلول المناسبة لها من خلال البحث العلمي. هذا ويُقاس مدى تقدُم أي مجتمع بمقدار ما ينفقه على البحث العلمي كنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي.

تقول آخر التقارير الصادرة عن الجهات المختصة بأن معدل ما تنفقه الدول العربية على البحث العلمي بشكل عام لا يتجاوز 0.02 % كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي لهذه الدول مقارنة مع 1.7 % وهو المعدل العالمي للإنفاق على البحث العلمي.

وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عدم إدراك أصحاب القرار في المنطقة العربية لأهمية البحث العلمي.

إن عدم الفهم الدقيق لقيمة البحث العلمي في أي بلد ينتج عنه مزيد من التخبط والتقلب في السياسات والإجراءات المتخذه لأية مشكلة أو مسألة يراد إيجاد حلول لها، حيث يُوفر الأسلوب العلمي في التفكير لأصحاب القرار تشخيصا دقيقا للواقع المعاش، ومن ثم إيجاد حلول تعتمد الأسلوب العلمي في التفكير بالمشكلة او القضية التي يواجهها أصحاب القرار.

فمهمة الباحث تكمن في تقديم الرأي والمشورة من خلال اعتماد الاسلوب العلمي في تشخيص المشاكل ومحاولة إيجاد حلول لها ووضعها بين يدي صاحب القرار من أجل تنفيذها للنهوض بالشركة التي يمُلكها او المؤسسة التي يُديرها.

تأتي مناسبة هذا الحديث على هامش انعقاد مؤتمر علمي في مدينة البتراء نهاية الأسبوع الماضي حول واقع ومستقبل التنمية السياحية في المدينة بتنظيم من الهيئة العربية للتواصل الثقافي والحضاري "بيت الانباط"، نُوقشت فيه أوراق عمل قيمة شخصت وحللت المشاكل والتحديات التى تواجهها المدينة الأثرية كمقصد سياحي حيث اقترحت – أي الأورق- حلولا علمية وعملية لمواجهة هذه المشاكل والمعيقات وذلك لغرض تطوير المنتج السياحي في المدينة الوردية.

ما يثلج الصدر أن باحثين من أهل المدينة كانت لهم مشاركات وإسهامات علمية يُعتد بها، وهنا يتكامل الفهم العلمي لهذه المشاكل مع الفهم الثقافي والمعرفي بواقعها، ما يدعونا إلى توجيه دعوة لأصحاب القرار لأن يدركُوا أهمية هذه الأوراق التي تسعى في مجملها إلى الحفاظ على المدينة الأثرية وزيادة قوة الجذب لها من خلال تحسين البنية التحتية وتطوير واقع الخدمات المقدمة بها.

لقد آن الأوان لأصحاب القرار في القطاعين العام والخاص أن يدركوالاهمية الكبيرة للبحث العلمي في تطوير صناعة السياحة في الاردن. والمطلوب هنا تقديم الدعم المادي والمعنوي للباحثين في هذا المجال بحيث تخصص نسبة من موازنات كل الجهات ذات العلاقة وكذلك توفيرالمعلومات والبيانات الدقيقة المعبرة عن واقع القطاع من أجل تشجيع البحث العلمي الجاد الهادف إلى حل المُشكلات والعقبات التي تواجه القطاع بأسلوب علمي وفعُال.

وأخير نقدر لبيت الانباط هذا الجهد المميز في إضافة مساهمة نوعية تجاه مجتمعهم ووطنهم بموارد محدودة وإمكانيات متواضعة.

*مدير مركز إضاءة لدراسات السياحة